كانو معنا ؟؟؟؟؟
الأربعاء أغسطس 08, 2012 2:07 pm
يمر علينا رمضان وحال الدنيا في تغير واختلاف ، وهذه حكمة الله في خلقه ،
وسنته الجارية على عباده ، فكم من قريب وعزيز من الآباء والأخوان والأحباب
كانوا معنا في عام مضى ، وهم الآن في قبورهم موسدين ، كأنهم ما عاشوا ولا
ساروا ولا ضحكوا ، اندرست سيرهم ، وما بقي منهم إلا ذكرهم .
أتراهم لو كانوا معنا ، فما كان بوسعهم أن يفعلوا ، أتراهم سيضيعون أوقاتهم
، أم سيعمرونها في طاعة خالقهم ، أتراهم سيؤدون ما افترضه الله عليهم ، أم
سيُسوفون أعمالهم ، أتراهم ، أتراهم ، أتراهم ....
هذا حال من يتمنى أن يعود إلى الدنيا ليزيد حسناته ويمحو سيئاته !
ولكن ما بال من لاحت أمامه الفرص ، ومازال في عمره متسع ، هل سيصحو من
غفلته ، ويعتبر بمن مضى ، ويغير من نهجه وسيرته ، أم سيبقى في غفلته وغيه ،
حتى يفاجئه طارق الموت بلا استئذان ، فهل نعتبر بمن مضى ، أم نجعل أنفسنا
عبرة لمن بعدنا ؟
فرص تتوالى ، ومنح تتعاقب، والعمر فرص ، ولا فائدة من الندم على عمر قد مضى
، أو ساعة قد فاتت ، أو فرصة قد ولت ، إذا لم تستغل في مرضاة الله .
هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يحضنا لاغتنام الفرص ، والمسارعة في اقتناصها
، يقول عليه الصلاة والسلام: (( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ :
شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاءَكَ
قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ
مَوْتِكَ )) ، فرص غالية بينها النبي صلى الله عليه وسلم ويدعونا لاغتنامها
، فإذا لم تستغل في حينها ، فلا فائدة من التحسر حال انقضائها .
فمادامت هذه الفرص بين أيدينا فلنستعد لاغتنامها ، ولنغير فيها من أنفسنا ،
ولنستغلها قبل أن نندم على ضياعها .
ولا أعظم من منح الله ، ولا أطيب من التعرض لنفحاته وعطاياه ، خاصة في
مواسم الخيرات والبركات ، فالحكيم من يتعرض لنفحات مولاه ، ويستغل مواسم
الطاعات ليظفر بأعلى الدرجات .
وهذا رمضان قد مضت أيامه ، وتصرمت لياليه ، وعن قريب يتأذن بالرحيل ، فهل
يسعنا أن نلحق بأجوره ، فأبواب الطاعات فيه أكثر من أن تحصى ، وأنواع
القربات أكثر من أن تعد ، فهل من مشمر ، وهل من لاحق بالركب ، وهل من معمر
لساعاته ولحظاته.
فلنُري الله من أنفسنا خيرا ، فرمضان فرصة ومنحة ، فهو قد يأتي مرة أخرى ،
وقد لا يأتي ، فقد يأتي رمضان ونحن تحت التراب سلمنا الروح لبارئها ، وقد
يأتي رمضان ونحن على الصيام غير قادرين .
فالحمد لله الذي بمنه بلغنا رمضان ، ونسأله تعالى أن يعيننا على الصيام
والقيام ، وأن يوفقنا للتمام ، وأن يحسن لنا الختام ، وأن يجعلنا من عتقائه
من النيران .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى